عندما تنهار الدول…ابن خلدون

[quote font=”times”]

عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون، والمنافقون والمدّعون، والكتبة والقوّالون، والمغنون النشاز والشعراء النظّامون، والمتصعلكون وضاربو المندل، وقارعو الطبول والمتفقهون، وقارئوا الكفّ والطالع والنازل، والمتسيّسون والمدّاحون والهجّائون وعابرو السبيل والانتهازيون.

تتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط..

يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف، وتظهر العجائب وتعم الشائعات، ويتحول الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق، ويعلو صوت الباطل، ويخفتُ صوت الحق، وتظهر على السطح وجوه مريبة، وتختفي وجوه مؤنسة، وتشح الأحلام ويموت الأمل، وتزداد غربة العاقل، وتضيع ملامح الوجوه، ويصبح الإنتماء الى القبيلة أشد التصاقاً، وإلى الأوطان ضرباً من ضروب الهذيان، ويضيع صوت الحكماء، في ضجيج الخطباء، والمزايدات على الإنتماء وعلى مفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين.

[/quote]

[ad id=”1165″]

ابن خلدون، دشن مقولته منذ عشرات السنين، وبإسقاطها على الواقع العربي الحالى، وتحديدا منذ اندلاع الثورات العربية، وحتى الآن، تكتشف وكأنه يعيش واقعنا الحالى، يصف ببراعة الحالة العربية طوال 5 سنوات كاملة، ويضع يده على موطن الداء.

نحن بالفعل نعيش زمن المنجمين، وضاربى الودع، ومروجى الشائعات، والأكاذيب، ويؤدى دور البطولة فيه، تجار الدين، من الجماعات والتنظيمات، التى تتحدث عن الإسلام بشكل حصرى، وتسخر الدين لخدمة أهدافها، وتشيع بين الناس، إنها تملك مفاتيح أبواب الجنة والنار، فمن يتبعها، وينفذ أوامرها على السمع والطاعة، يحصل على مفتاح أحد أبواب الجنة، أما الذين يعارضونها ويفندون مزاعمها، ويكشفون مخططاتهم، فهؤلاء مصيرهم القتل، ذبحا، وتفجيرا فى الدنيا، والدفع بهم فى نار جهنم فى دار الآخرة.

أيضا وكما يروى ابن خلدون، رؤيته الثاقبة، من أن انهيار الأوطان يؤدى أيضا لانتشار الانتهازيين والأفاقين، وهؤلاء، تجار الشعارات الذين يبيعون الوهم، ويحملون صكوك المواطنة، يمنحونها لمن يشاؤون، وينزعونها ممن يشاؤون، دون أى حيثية، وهؤلاء أعضاء الحركات والائتلافات، ونشطاء الوطنية المزعومة، ونخبة العار، من المشوشين فكريا، والذين لديهم قصور حاد فى البصيرة، ينصب اهتمامه فقط فى عقد المناظرات السوفسطائية، والخروج من جدل للدخول فى آخر، وسقطت من حساباتهم فضيلة الحرص والخوف على المصالح العليا للبلاد.

نعم ابن خلدون قالها منذ عقود طويلة، وتحققت توقعاته وكأنه يقرأ المستقبل، ويطلع على الغيب، فكل كلمة قالها، نعيشها الآن على يد تجار الدين، وتجار الشعارات، ومن خلفهم الخونة فى الداخل والخارج، يخططون ليل نهار، لإثارة الفوضى، وإسقاط العالم العربي فى مستنقع الانهيار والتقسيم، ولا يهمهم أن تتحول الرقعة العربية لا قدر الله إلى أنقاض، فلديهم شبق، واشتياق جارف للحكم حتى ولو على هذه الأنقاض.

هؤلاء التجار للدين و الوطنية و الشعارات انتزعت من صدورهم القيم الأخلاقية، والوطنية، وحلت بدلا منها الانتهازية، والنهم للحصول على كعكة الحكم، والمال والشهرة، وتعظيم شأن المصلحة الخاصة، ودون الوضع فى الاعتبار أن هناك ملايين المواطنين  يريدون الحد الأدنى من وسائل العيش الاساسية، من مواد غذائية، وخدمات  مثل توفير مراكز صحية ، ماء صالح للشراب والكهرباء و تعليم و بنية تحتية .

نعم صدق ابن خلدون فيما ذهب إليه، ونحن نعيش الواقع كما جسده حرفيا فى مقولته الشهيرة، وكأنه يعيش بيننا الآن…!!!
ولكِ الله يا بلاد العرب…!!!

عن صحافي1

Avatar photo
مدير موقع راديو النخيل

اترك تعليقاً